هل يكتفي الأهلي بـ "زياراته الودية" أم يتخذ مواقف

"وهل تمحو زيارة ودية أخطاء سنوات"، كان هذا هو لسان حال الغالبية العظمى من جماهير الإسماعيلية التي تابعت بشغف أحداث زيارة مجلس إدارة النادي الأهلي بكامل هيئته إلى المحافظة الكبيرة، في محاولة منه لإذابة الخلافات القديمة الجديدة بين الناديين، والتي دفعت جماهيرهما لاتخاذ مواقف معادية من بعضها البعض، في جميع المناسبات وبكافة الأشكال.

لقد ملئت وسائل الإعلام المصرية الأسماع قبل الزيارة المرتقبة، بأحاديث ومقالات عن أسبابها والمنتظر منها، كانهاء حالة التوتر بين الطرفين، وعودة الوفاق والعلاقات الطيبة بين جماهير الناديين - التي لم تكن موجودة في السباق من الأساس-، والقضاء على حالة الكراهية السائدة بين الجماهير وبعضها، وأشياء من هذا القبيل، ولكن أحد لم يسأل أبدا هل ستكون الزيارة هي البداية أم بداية النهاية؟

فعلى الرغم من صدق المشاعر الذي ظهر واضحاً من الطرفين خلال الزيارة، إلا ان كل منهما رأها بشكل مختلف، فقد ربط البعض من جماهير الإسماعيلية الحدث برغبة الأهلي في الاتفاق على صفقة كبرى يحصل من خلالها على خدمات أكثر من لاعب متميز في المنافس، أو إنها جاءت بمثابة اعتذار غير معلن من الأهلي على أخطاء ارتكبت في الماضي، ومحاولته زعزعة استقرار الفريق وابعاده عن المنافسة.

وفي المقابل، استقبلت جماهير الأهلي المسألة بنوع من الرضا، إذ ستحد الزيارة من حالة الكراهية التي أكتسبها فريقهم لدى الآخرين، بعد محاولاته المستمرة في اغراء لاعبيهم، في حين فكر البعض منهم في "الصفقة الكبرى"، وظل يحلم بها دون النظر لأغراض الزيارة المعلنة.

الواقع، إنه لا أحد فكر في البحث عن كيفية استقبال الجماهير البسيطة للحدث بعيداً عن روابط المشجعين التي تمثل فئة خاصة منها، فالجماهير لا تحتاج لزيارات ودية لانهاء الخلافات بينها، إنها تحتاج لنوايا صادقة، وعمل أكثر ايجابية من الجميع، وخاصة من الأهلي الذي يعلم تماماً إنه يواجه مشكلة حقيقية، من تنامي مشاعر الكراهية له، ليس من جماهير الإسماعيلية فقط، وإنما من جماهير العديد من الأندية التي دائماً ما تراه على إنه هذا "الذئب

لقد صدقت وسائل الإعلام الزيارة لأنها ترغب في ذلك، وصدق مسؤولو الناديين لأن لكل منهم أغراضه، ولكن الحذر كل الحذر من أن تتحول البادرة التي علق عليها الجميع الآمال من بداية لعلاقة أكثر احتراماً وتوازناً، إلى نهاية مفزعة، وذلك في حال استمرت اعتقادات المسؤولين كما هي تجاه القضية، وتمسك كلا منهما بأنه لا يوجد أخطاء، وأن المسألة ما هي إلا مجرد فهم خاطيء من الجماهير لمسألة الإحتراف، أو إنها نتيجة للتهويل الإعلامي، وهذا هو بالفعل ما أظهرته تصريحات المسؤولين تجاه القضية.

فقال عدلي القيعي مدير الإستثمار والتسويق بالأهلي : " نعرف إن هناك مشاعر متأججة بين الطرفين، بسبب المنافسة بينهما، ولذا فان ادعاء عدم وجود كراهية بينهما، يعد درباً من الرومانسية .. معظم لاعبي الإسماعيلي المنضمين للأهلي تم استقدامهم من اندية أخرى، فنحن لا نستطيع خطف لاعب متعاقد مع ناديه، ونعمل على ضمهم بالطرق الشرعية."

لقد عجز القيعي عن فهم أسباب غضب جماهير الإسماعيلية لناديه، فهي لم تعترض على "طرق ناديه الشرعية "في التعاقد مع اللاعبين، ولكن على رؤيته التي تسمي إجراء مفاوضات مع لاعبين لم تنتهي عقودهم بأكثر من عامين أو ثلاثة "طرق شرعية" !!

وعلى الجانب الآخر، قال يحيى الكومي رئيس النادي الإسماعيلي : " الإعلام مسؤول عن تفشي الظاهرة، إذ أنه يبرز الجزء السلبي فقط ويتغاضى عن الإيجابيات .. لا أخفي سراً، أن لاعبي جميع الأندية المصري ترغب في الإنضمام للاهلي، وذلك للدعم الإعلامي الكبير الذي يحظى به، والمبالغ الطائلة التي سيحصل عليها من جهات رسمية وأخرى غير رسمية، بالإضافة إلى جماهيره الغفيرة."

لقد أرجع الكومي الأزمة للإعلام، ونسي إن الأخير لا يختلق القضايا، بل هو يبرز ما يحدث على الساحة، ويقر حقائق واقعة، فهو قد يبالغ، أو يهول، ولكنه أبداً لا يختلق قصصاً غير موجودة.

لقد وضعت زيارة مجلس الأهلي الودية أو حتى ذات الأغراض الخفية، الجميع أمام مسؤولياتهم، فبات على الأهلي أن يتخلى عن أحلامه في زعزعة استقرار الآخرين، واغراء لاعبيهم، متعللاً بمفهوم الإحتراف الذي يرغب في الحصول منه على يفيده وأن يترك ما هو في غير صالحه .. فالجميع قضيتهم الإحتراف، ولكن بمفهومه الصحيح الذي يتيح التفاوض والتعاقد مع أي لاعب حسب لوائح وقوانين الإتحاد الدولي "الفيفا"، وليس باغراء لاعبي الأندية الأخرى قبل نهاية عقودهم بسنوات.

كما بات على جماهير الإسماعيلي وادارات النادي المتعاقبة، البحث عن سبل دعم النادي مادياً، لكي يتسنى لهم الحفاظ على لاعبيهم ، وإلى أن يحدث ذلك، عليهم أن يتفهموا الضغوط التي يتعرض لها اللاعبين والمسؤولين، والتي قد تجبر أكثر العاشقين للنادي، وأكبرهم انتماءاً على التراجع أو الرحيل.

ملحوظة، لقد أظهرت الزيارة حالة التشويش التي يعيشها الوسط الرياضي في البلاد، وذلك بعد أن دعموا وباركوا الزيارة التي لا تمت للإحتراف بصلة، فمجلس إدارة ريال مدريد لا يمكن أن يقوم بزيارة مماثلة لنظيره في برشلونة، ولا يمكن ان تستقبل جماهير مانشستر يونايتيد نظيرتها في أرسنال بالهتافات والرقص والغناء، فأفيدونا أفادكم الله، هل نحن محترفين كروياً أم مازالت العاطفة تحركنا وتؤثر في معتقداتنا وأفعالنا ؟

» لمن أراد مشاهدة حلقات "على خطى الحبيب"